…
(1)
كَانَتْ تُحَاصِرُنَي
وَتَفْتَحُ شُرْفَةَ الْبَيْتِ الْمُقَابِلِ
أُغْلقُ الشُّباكَ
تَطْفُو فَوقَ وَجْهِ السقفِ
تَخْرُجُ من بُخَارِ الشايِ
تَسْبحُ في فَضَاءِ الذِّهْنِ
تَعْلُقُ فِي دَبِيْبِ الرُّوحِ
تَزْحَفُ خَلْفَ أَنْفَاسِي
….. أُقَاومُهَا
فَتَسْكُنُ فَوقَ ذَاكِرَتِي
فَأَخْرُجُ مِنْ حُدُودِ الجِّسمِ
تَتْبَعُنِي
وتَتْرُكُ هَيْكَلِي صَنَمًا
وَتَبْدَأُ رِحْلَةَ التَّخْدِيرْ
(2)
هَذَا أَنَا … خَلْفِي
وَجِسْمِي هَيْكَلٌ
هِيَ لَازَمَتْنِي رِحْلَةَ الْإِسْرَاءِ
مِنْ صَنَمِي إِلَى هَذَا الْفَرَاغْ !
فَهِيَ الْمَدَى حَوْلِي
تُحَاصِرُنِي .. وَتُسْكَبُ فِي دَمِي
رَاوَغْتُهَا
فَتَسَلَّلَتْ لِي كَالشُّعَاعْ
عَلَّمْتُهَا لُغَةَ الْعَصَافِيرِ الطَّلِيقةِ
حَاصَرَتْنِي بِالْغِنَاءْ
ثُمَّ اسْتَحَالَتْ هَيْكَلًا
صَنَمًا جَدِيْدًا
فَاسْتَدَرْتُ .. فَكُنْتُ خَلْفِي وَاقِفًا
عَادَتْ تُسَابِقُنِي .. إِلَى الصَّنَمِ القديمْ
(3)
كَانَتْ تُفَاجِئُنِي
وتَخْرُجُ مِنْ دُواةِ الْحِبْرِ
أَقْصِفُ كُلَّ أَقْلامِي
فَتَبْزُغُ بِيْنَ هَالَاتِ الْوَرَقْ
حَاصَرْتُهَا
فَتَخَلَّلَتْنِي كَالدِّمَاءْ
صَارَتْ تُشَاطِرُنِي
حُرُوفَ الاسمِ
لَوْنَ الوجهِ
طعمَ الغدرِ
أوجاعَ المساءْ
عَادَتْ لِتَسْكُنَنِي
وَتَتْرُكُ هَيْكَلِي مِنْ خَلْفِهَا
أَنْكَرْتُهَا
فَتَدَفَّقَتْ مِنْ فَوقِ ذَاكِرتَي
سَرَتْ فِي كُلِّ أَرْجَائِي
فَعَاوَدْتُ الخُرُوجْ
(4)
هَذَا أَنَا
مَا بَيْنَ أَصْنَامٍ أُبَدِّلُ هَيْئَتِي
هِيَ لَازَمَتْنِي رِحْلَةَ الْإِفْلَاتِ
مِنْ صَنَمِي … إِلَى أَصْنَامِهَا
لَكِنَّهَا … لَمْ تُعْطِنِي فُرَصًا
أَجُوزُ بِهَا الْمَدَى
ظَلَّتْ تُحَدِّدُ فِي الفَراغِ إِقَامتِي
وَتُحِيْطُنِي
سَكَبَتْ عَلَى وَجْهِي مَلامحَ وَجْهَهَا
وَتَمَدَّدَتْ فِي كُلِّ أَرْجَائِي
ونَامَتْ فِي حُرُوفِ قَصَائِدِي
سَاءَلْتُهَا .. أَنْ تَسْتَجِيْزَ بِيَ الرُّؤَىَ
لَكِنَّهَا ظَلَّتْ عَلَى بَابِ الْقَصِيْدَةِ
لَا تُحَرِّكُ سَاكِنَا
…………………….