الرئيسية / القصة القصيرة / رجل جديد .. غزل مصطفى .. سوريا

رجل جديد .. غزل مصطفى .. سوريا

لم أقع في الحب، ولكني مشيت إليه بخط ثابتة، وأنا بكامل وعي، واجتزت به عواصف الحياة، وضاعت حدودي في حدودك، وعمنا فوق غيمة شفافة يا حبيبتي، وها أنا ذا أحصي فوق جسدي آثار لمساتك، وأعدها لك بفرح وحزن، حادٍ وكثيفٍ، وأنا مسجى على فراش المنية، تربت على يده بغيث منهمر الحنان باكية قائلة: أنت عالمي وبدايتي ونهايتي.

يلتقط أنفاسه بثقل ممزوج بحس الموت والحياة، وقد ترامت الذكريات في حقائب الرحيل داخل عيونه، ويقول لها: أتذكرين يا حبيبتي يوم طردت من عملي وجئتك محبطاً مسكوناً بالقهر كبركان مسعور تفجرت، وكنت أنت بجانبي لمسة فرح وضوء وماء، فزاد نحيبها أكثر، وبحروف تتساقط ثكلى قالت له: نعم.

ثم أردف قائلاً: وحين جن جنوني حينما خسرت بالأسهم وتشظيت حطاماً وانطفأت رماداً، لم تتركيني.

علت شهقات بكاؤها وأومأت برأسها وهي تبتلع غصة تسحق أنفاسها، وزوجها أمامها يصارع حتفه.

وتابع قائلاً: وعندما رعد المرض بأوصالي وأمسيت هزيلاً متعباً، احتضنتني كعاشقة ولهة، وبقيت قربي تنفضين عني اليأس والألم، بلا تأفف ولا تذمر، بعطاء متدفق لا يعرف التعب ولا الإرهاق.

فراحت تقاوم وجعها العاصف، محاولة أن تتماسك من أن تفقد وعيها حزناً، شد على يديها في توق قائلاً: اهدئي يا حبيبتي، وهي تمعن السمع إليه، وعيونها معلقة على الزمن الهارب، والآن يا حبيبتي، وأنا على سرير الموت، هناك أشياء مبهمة كانت في حياتي معك لم أفهمها، والآن فهمتها وأنت واقفة معي.

في دموع ترتعش، هامسة له: الحمد لله.

فأشار إليها: اقتربي مني. فلبته.

فقال لها باكياً: وبحروف صرعى أشعر أني رجل جديد يعرفك لأول مرة، انظري كم مررت ببؤس منذ ارتباطي بك، وكم انهالت على رأسي الكوارث بدخولك عالمي، ثم سكت برهة، وأردف قائلاً: ألا تلاحظين يا عزيزتي أن وجهك أتى بالمصائب علي حتى أوصلتني إلى حتفي.

……………………………………..